منوعات

تفسير جميع الآيات المتعلقة بالدين وأحكامه

تفسير جميع الآيات المتعلقة بالدين وأحكامه، لا يوجد أحد منا كمسلمين لم يأتي يوم ويشعر بالضيق الشديد وحاجته الكبيرة من الجانب المادي، ولم تكفي امواله أو راتبه الشهري لسداد أو تغطية احتياجاته واحتياجات أسرته، فلا يجد مفرا من اللجوء لصديق أو قريب من أجل الاستدانة منه حتى يتمكن من العيش وتوفير ما يلزم من أساسيات الحياة، وقد شرع وأباح ديننا الإسلامي الدين بل وذكر الدين وأحكامه في القرآن الكريم في أطول آية فيه والتي وردت في سورة البقرة تشرح الدين وشروطه وبعض أحكامه، وهنا مت خلال هذا المقال نبين بعضا من أحكام الدين مع ذكر وتفسير تفسير جميع الآيات المتعلقة بالدين وأحكامه.

الدين في الإسلام

كثير من الناس عندما يقع في ضائقة مالية يضطر للجوء لأموال غيره سواء من رب العمل أو من الأصدقاء أو الأقارب وذلك لطلب مبلغ مالي بشكل مؤقت على أن يتم إعادته لاحقا في وقت يتفق عليه الطرفين أو بلا تحديد وقت وهو ما يطلق عليه الدين، والدين في الدين الإسلامي مباح جائز إذا ما كن وفق الشروط والضوابط الإسلامية وبالابتعاد عن الوقوع في الربا عن سداد هذا الدين فهو من المحرمات، وقد جاءت أطول آية في كتاب الله في سورة البقرة وهي آية الدين والتي وضحت بعضا من شروط الدين التي يجب على المسلمين الالتزام بها، وفي ذكر الدين وتفصيل شرحه في كتاب الله دليل على ضرورة الحرص على حفظ حقوق العباد وابعاد الظلم وأكل أموالهم بالباطل.

حكم الدين في الإسلام

كثير من الناس يتهاون ويستهين بعاقبة أكل حقوق الناس وأموالهم بدون وجه حق أو يقوم بطلب الدين من الآخرين لحاجة أو لغير حاجة أو كأن يستدين فوق حاجته للمال مبلغا ضخما لا طاقة له لسداده، أو الاستدانة من أجل الرفاهية وشراء بعض الأمور التي تعد كماليات في الحياة لا أساسها، والمعروف عن الدين أنه لا يسقط عن صاحبه أبدا فهو حق من حقوق العباد والدليل على ذلك وقول النبي صلى الله عليه وسلم:” نفس المؤمن مُعلَّقةٌ بدَيْنه حتى يُقضَى عنه”، وأما حكم الدين في الدين الإسلامي فهو جائز مباح في حدود الحاجة ومع ضمان حق الطرفين في السداد ودون الزيادة على المبلغ الذي يتم استدانته عند الاسداد حتى لا يقع العبد في كبيرة من الكبائر وهي الربا، وجعل الله تعالى في تفريج العبد كربة عن أخيه بإعطائه جزء من المال عند ضيقه من الأمور المستحبة والتي يؤجر عليها العبد بفك كربته يوم القيامة وهي قربة من القربات التي يتقرب بها العبد الصالح إلى ربه.

حكم المماطلة في سداد الدين

وصحيح أن الإسلام من باب التيسير على الناس أباح الدين إن كان لحاجة ضرورة ودون الدخول في الحرام مثل الربا أو أخذ القروض من البنوك لما ثبت من حرمانيتها، وبعض الناس يستدين من الآخرين فإذا جاء موعد السداد المتفق عليه ماطل في السداد ورفض ارجاع المال وبدأ باختلاق الأعذار أو في بعض الحالات قام بالتمادي وادعى نسيان هذا الدين وقام بإنكاره ورفض سداده، والحكم الشرعي في ذلك باتفاق علماء المذاهب الفقهية الأربعة محرم وعليه يجوز للشخص الدائن التوجه للقضاء من أجل استرداد حقه، وهنا يجدر الإشارة بضرورة كتابة عقد يبين الدين مع وجود شهود وذلك كما أمرنا الله تعالى في كتابه لما في ذلك حفظ للحقوق لكلا الطرفين، ولا نغفل أن ظلم الآخرين وعدم سداد ديونهم هو حرام شرعا ودعوة المظلوم عند الله من الدعوات التي لا ترد وفي ذلك تعزير للناس من الوقوع في ظلم الناس أو أكل أموالهم.

شروط الدين في الإسلام

وكما أباح ديننا الإسلامي الدين فإنه وضح بعض الشروط والضوابط التي يجب على العبد المسلم الالتزام بها في حالة احتياجه للإستدانة من الآخرين ومن جملة هذه الشروط التي وضحتها الآيات القرآنية ما يلي:

  • تحديد مدة سداد الدين وارجاع المال المأخوذ لصاحبه باتفاق بين الدائن والمدين.
  • كتابة الدين كم المبلغ وما هي المدة التي يجب إعادة المال فيها وغيرها من التفاصيل فهذا أحفظ للطرفين.
  • يكون كتابة الدين من المدين فإن كان غير قادر على الكتابة جعل شخص ثقة يقوم بالكتابة عنه.
  • وجود شهود على هذا الدين ويكون الشهود رجلين أو بوجود رجل واثنتين من النساء.

أهمية سداد الدين وعدم تأجيله

إن ديننا الإسلامي هو دين الحق ودين عادل جاء لنشر الحق والعدل بين خلق الله فكل الناس سواسية ولا فرق بين الناس إلا التقوى، ولذلك لا يجب على المسلمين تأجيل سداد الديون أو أكل أموال الناس وظلمهم، فهناك فضل كبير وأهمية عظيمة من سداد الديون وعدم تأجيلها في ديننا الإسلامي ومن هذه الفوائد ما يلي:

  • في سداد الديون عدل بين الناس ودفع للحقد والضغينة بينهم مما يعني وجود الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم.
  • في سداد الديون دفع لظلم الآخرين وهذا يعني غضب الله تعالى فدعوة المظلوم لا ترد عند الله تعالى.
  • سداد الديون هو بيان لأخلاقنا وسماحة ديننا الإسلامي مما يحبب غير المسلمين في هذا الدين.
  • في المماطلة في سداد الديون زيادة للمشاحنة والبغضاء ونشر للفساد والجريمة في المجتمع.
  • سداد الديون هو التزام بما أمرنا الله تعالى به ورسوله وبعد العبد عن الوقوع في الحرام.

آداب الدين في الإسلام

يعتبر الدين كما أسلفنا طلب المال من الآخرين وهو به طرفين هما الطرف الدائن وهو الشخص الذي يعطي من ماله للآخر، والطرف المدين هو الشخص الذي يحتاج هذا المال ويطلبه من صاحبه، ولكن حتى لا تزيد المشاحنة بين الطرفين أو تضيع حقوقهما وجدت مجموعة من الآداب الخاصة بالدين والتي يجب الالتزام بها عند الدين لكل من الدائن والمدين وهي كالتالي:

  • يجب على كلا الطرفين استحضار النية لله تعالى واخلاصها له وحده لا شريك له وجعل هذا الدين طلبا للأجر والثواب وتفريج كربة وضيق عن مسلم من المدين.
  • يجب على المدين إعطاء مدة كافية للدائن لسداد هذا الدين خاصة عندما يأتي وقت السداد ويكون الدائن غير قادر على السداد فديننا هو دين السماحة والتيسير.
  • الرفق من الدائن عند طلب الدين من الآخرين بأدب ولطف، بينما المدين عليه عدم إذلال المدين أو التقليل منه أو استغلال حاجته.
  • لا يجوز للدائن المماطلة في سداد الدين أو انكاره.
  • في حال شعر الدين بأن الدائن بالفعل لا يمتلك المال للسداد وكان في قدرته المسامحة في هذا الدين فليسامح به ويحتسب أجره عند الله تعالى.
  • عزم المدين على قضاء الدين في الوقت المحدد وأن لا يلجأ للدين إلا لحاجة ملحة وضرورية ووجود نية صادقة في داخله لسداد هذا الدين.
  • شكر الدين وحسن التعامل معه عند ارجاع المال دون تأفف أو ضجر.
  • لا يجوز طلب المدين من المال زيادة في المال عند السداد فهذا يعتبر ربا والربا حرام لقوله تعالى:” أحل الله البيع وحرم الربا”.

أنواع الدين في الإسلام

ويوجد أنواع كثيرة للديون حسب ديننا الإسلامي ومنها التصنيف باعتبار صاحب الدين وهي نوعين: دين لله وهذا النوع مطلب من الله تعالى لعباده مثل الزكاة والصدقة، أما النوع الثاني فهو ديون العباد وهي الدين التي تكون بين الدائن والمدين في التعامل اليومي بينهم مثل طلب المال وهو لا يسقط عن العبد في الحياة ويؤخذ من تركته بعد مفارقته الحياة، وبالطبع فإن النوع الاول من الديون وهي دين الله تعالى تسقط عن الورثة عند الموت وتبقى في ذمة الميت بعد وفاته مثل أداء الزكاة أو أداء العبادات، بينما النوع الثاني لا يسقط عن الشخص لا في الحياة فيمكن المطالبة بالحق باللجوء إلى المحاكم ولا يسقط في مماته يطلب من ورثته في مماته ويبقى في ذمته لو لم يوجد مال قد تركه بعده.

آية الدين في القرآن الكريم

ودرت لفظة الدين في القرآن الكريم بمعانيها المختلفة ودلالتها الكثيرة 92 مرة ، ومن معانيها الدين بكسر الدال وتعني التدين وهو الاعتقاد بدين معين، بينما الدين بفتح الدال جاءت بمعنى الاستدانة أي طلب المال من طرف آخر وهو به طرفين دائن ومدين، وقد ذكر الدين بفتح الدال في سورة البقرة في أطول آية في كتاب الله ورقم الآية 282، ومنها قوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ….” الخ الآية.

تفسير جميع الآيات المتعلقة بالدين وأحكامه

يخاطب الله تعالى الذين آمنوا به ومن اتبع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وآمن برسالته ويبين آداب وشروط التعامل بين الناس في التعاملات المالية بينهم لمنع الظلم أو أكل أموال الناس بالباطل وزيادة المشاحنة والبغضاء بينهم، ومنها كتابة هذا الدين وحددوه لوقت حدود للسداد ويضع مخافة الله أمامه فلا ينتقص من هذا المال خاصة لو كان المال لمن انتفى عنده صفة البلوغ أو العقل أو من به علة مثل الخرس، وليكون كتابة هذا الاتفاق عند شخص عدل يكتب عنه وليه ويكون بوجود شهود هم رجلين أو رجل وامرأتين والسبب في ذلك أن المرأة بطبعها قد تنسى فتقوم الأخرى بتذكيرها، ويجب أن يقوم الشهود بالاستجابة للشهادة عند الحاجة لها وعدم التخلف عنها، أما في حالة كانت المعاملة هي بيع والدفع في نفس الوقت لا يجب الكتابة ولكن يستحب وجود شهود لمنع النزاع.

سبب نزول آية الدين

لكل سورة من سور القرآن الكريم وآياته سبب للنزول والتي يهتم بها علم تفسير سبب نزول الآيات من أجل الفهم الصحيح للأحكام الشرعية ومتى يمكن العمل بها وفق الموقف الذي يمر به العبد، وأما عن سبب نزول آية الدين أطول آية في كتاب الله تعالى احتياج الناس للاقتراض والاستدانة من الآخرين عند دخولهم في ضائقة مالية فيقوم الدائن بإنكار المال الذي أخذه من المدين لعدم وجود اثبات على هذا الدين أو نسيان هذا الطرف ما دينه أو وقوع خلاف على موعد السداد أو المبلغ الذي تم أخذه، وجاءت هذه الآية من أجل بيان بعض الضوابط التي يجب الالتزام بها لكل من الدائن والمدين في معاملاتهم المالية لمنع حصول مثل هذا الخلاف، وهنا نبين بعض النقاط الواردة في آية الدين:

  • جواز الدين في الدين الإسلامي وفق الضوابط الشرعية.
  • تحديد جميع التفاصيل بين الدائن والمدين من الاجل والمبلغ وغيره.
  • اشتراط العدالة في كتابة عقد الدين فلا يجوز الاستعانة بفاسق.
  • وجود شهود عند الدين من أجل توثيق هذا الدين وهو رجلين أو رجل وامرأتان.
  • الكاتب ملم بكتابة عقود البيع.
  • كتابة الدين من ولي المدين في حالة الجنون أو صغر السن أو عدم البلوغ أو الخرس.
  • لا يجوز التبخيس أو الانقاص من المال الذي تم استدانته .
  • لا يجوز شهادة الصبي فقد حددت الآية رجلين ويشترط بهما البلوغ.
  • لا يجوز شهادة الكفار لعدم الأمان منهم ولا يوجد عدالة في شهادة الكافر.
  • لا يجوز رفض شهادة الشاهد بغير عذر.
  • من ارتكب هذه الامور التي نهت عنها الآية وقع في المحرمات واتصف بصفة من صفات الفاسق.

دعاء لقضاء الدين وسداده

لعل من أكثر الأمور التي ترهق كاهل العبد وتجعله في حالة من التوتر والقلق المستمر وجود مبلغ مال قام باستدانته من شخص ما وهو يبقى في ذمته حتى بعد مماته كما أسلفنا، ولذلك حثنا النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة كتابة الوصية خاصة في حالة السفر أو الدخول في حرب أو اقتراب الأجل وبيان إذا ما كن على الشخص دين ما حتى يقوم ورثته بسداده في حالة وفاته ولا يبقى في ذمته يوم الدين، ويجب على العبد الدعاء والتقرب من الله تعالى وطلب العون منه لسداد وقضاء الدين ولعل من الأدعية الخاصة بالدين الادعية التالية:

  • اللهم اغنني بحلالك عن حرامك وبفضلك ولطفك عمن سواك.
  • اللهم أعني على سداد ديني يا الله ولا تترك في ذمتي مال لأحد.
  • اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ والهَرَمِ، وأَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ.
  • اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء أسألك اللهم من فضلك أعني اللهم على سداد ديني وقضاء ما في رقبتي.
  • اللهم إني عبدك ابن عبدك ناصيتي بيدك تعلم ما تخفيه نفسي وما بي من هم وحزن وكرب اللهم فرج كربي وزدني سعة في المال وبارك لي فيه.
  • اللهم أسألك الكسب الحلال ولا تجعلني من الظالمين لعبادك ولا تجعل في رقبتي حقا ولا مظلمة لأحد.
  • اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
  • اللهم إني أعوذ بك من القفر والعدم وتردي الحال وزيادة الضيق والهم أعني اللهم على القرب منك والبعد عن معصيتك.

دعاء قضاء الدين مكتوب

ويتوجه العبد إلى خالقه يطلب منه الفرج عند الضيق وقد يكون هذا الضيق بسبب الفقر أو الحاجة للمال أو وجود دين كبير في ذمة ورقبة الإنسان يعجز عن سداده فيلجأ لله تعالى يطلب العون منه وأن يزيد ماله ويقضي هذا الدين، ويشترط عند الدعاء والتوجه لله تعالى اخلاص النية لله وحده واليقين بقدرته على النفع وتغيير الحال، ومن أفضل الأدعية التي يدعو بها العبد عند حاجته لقضاء ما عليه من ديون الدعاء التالي” اللهم يا معين يا مغيث يا ودود أسألك من كثير وعظيم لطفك أسألك اللهم بأسمائك الحسنى وبصفاتك الكاملة سبحانك اللهم وبحمد أن تعينني على كربتي هذه اللهم يسر علي ولا تعسر وفرج همي ادفع الحزن عني اللهم بيدك الملك كله فلا تتركني في حاجة لأحد من خلقك يا عزيز يا كريم استجب دعائي وارحمني وأحسن خاتمتي وأحسن إلي يا الله”.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!