دعاء

تجربتي مع دعاء ذي النون

تجربتي مع دعاء ذي النون، وردت في القرآن الكريم الكثير من القصص التي تحدثت حول الأنبياء والرسل والذين أرسلهم الله تعالى من أجل اخراج الناس من الظلمات إلى النور، والذين لاقوا من أقوامهم الكذب والافتراء وأشد ألوان العذاب مثل إلقاء سيدنا إبراهيم في الناء فجعلها الله تعالى بردا وسلاما عليه، ومثل كفر جميع قوم سيدنا يونس فغضب وترك قومهم ولم يؤمن به أحد فالتقمه الحوت ولولا عناية الله وحفظه له لبقي في بطنه إلى يوم الدين، وكثير من القصص التي فيها عبرة وعظة لنا خاصة في صبر هؤلاء الرسل والأنبياء على الابتلاء والتقرب من الله تعالى من خلال الدعاء، ولكن حديثنا في هذا المقال حول تجربتي مع دعاء ذي النون وهو في بطن الحوت.

من هو ذي النون

وردت قصة نبي الله ذي النون في كتاب الله تعالى فقال تعالى:” وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً” والمقصود بذي النون هو نبي الله يونس عليه السلام، وكان ارسال يونس عليه السلام لقوم يطلق عليهم اسم نينوي، وقد حثهم ودعاهم يونس كثيرا لترك عبادة الاوثان التي لا تضر ولا تنفع ولكنهم قابلوا دعوته بالكفر ليس ذلك فحسب بل تمادوا كثيرا في سخريتهم وتكذيبهم لرسالته ويقال أنه جلس يدعوهم ما يقارب 33 عاما ولم يؤمن به سوى رجلين فقط، وهذا ما جعله يخرج ويتركهم غاضبا يائسا منهم ودون انتظار أمر الله تعالى، ولذلك كان عقابه ليجعله الله يعود عن خطئه وليكون حفظا له بأن يبتلعه حوت ضخم ويبقى في بطنه حتى 3 أيام خائفا يدعو ربه أن يغفر له ويخلصه من كربته.

ما سبب تسمية يونس عليه السلام بذي النون

وقد ورد ذكر نبي الله يونس الملقب بذي النون أو بصاحب الحوت في كتاب الله أربع مرات في سورة الصافات والأنعام ويونس والأنبياء، وقد ورد اسمه ” يونس” أو بلفظ” صاحب الحوت” أو بلقب ” ذي النون”، ويتساءل الكثيرون عن سبب تسميته بذي النون وما هو المقصود بالنون، والسبب في هذه التسمية أن نبي الله يونس حين شعر باليأس من قومه حين رفضوا تصديقه والإيمان برسالته  خرج مسرعا يتملكه الغضب وقد ركب في سفينة مع قوم حتى استدت الريح واضطروا لإجراء قرعة من أجل القاء أحدهم حتى لا تغرق السفينة وكانت في الثلاث مرات القرعة من نصيبه فألقى نفسه في البحر والتهمه النون، والنون هو اسم من أسماء الحوت وهو حوت ضخم كبير ويقال أن ذي النون هو لفظ في اللغة الآشورية وهي اللغة التي كان يتحدث بها قوم يونس عليه السلام.

قصة ذي النون مع قومه

وأما قصة ذي النون فأولا يونس عليه السلام اسمه كاملا هو يونس بن متى بن ماثان بن رجيم بن ايناشاه بن سليمان، وقد ذكر اسم هذا النبي في اليهودية والمسيحية ودين الإسلام، ويقال أن أمه كان يطلق عليها اسم متى ولم ينسب نبي لأمه سوى عيسى ويونس فيقال يونس ابن متى وعيسى ابن مريم، عاش يونس عليه السلام 950 عاما وقد دعا قومه ثلاث وثلاثين عاما قوبلت بالرفض والتكذيب وكما أسلفنا وقعت القرعة عليه لإلقائه في البحر لمنع وتفادي غرق السفينة وقد بعث الله النون وهو الحوت ليبتلعه سالما ليحميه من الغرق وقد لبث في بطنه ثلاث أيام، يدعو ربه ويناجيه بأن يكف عنه العقاب ويحفظه حتى استجيبت دعواته فألقاه الحوت بأمر من الله تعالى إلى البر وقد كان هزيلا يعاني من الجوع فأنبت الله له شجرة من اليقطين ليغطي بها عورته ويأكل من ثمارها.

 ما هو دعاء ذي النون

اختلفت الأقوال عن عدد الأيام التي بقى بها سيدنا يونس عليه السلام في بطن الحوت وهذه تعتبر معجزة إلهية أن يبتلع الحوت يونس عليه السلام ويبقى فيه سالما ولمدة ليست باليسيرة من الزمن، ويقال أنه بقي في الحوت أربعين يوما ومنهم من قال سبعا ويرى آخرون أنها ثلاث أيام والبعض ذهب أنها كانت عشرون يوما وأما القول الأخير بأنه بقي في الحوت أقل من يوم، ولكن الأرجح أنه بقي ثلاث أيام فقط، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بدعائه بدعاء ذي النون وهو الدعاء الذي يحفظه غالبية الناس فقال النبي:” دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له”، وهذه الدعوة هي السبب في نجاة يونس من بطن الحوت ولذلك يجب الدعاء بها للنجاة من المصائب أو استفتاح دعائك بصورة عامة به لفضله وبركته.

شرح دعاء ذي النون

وأما عن شرح دعاء نبي الله يونس عليه السلام ولذي ورد في كتاب الله وكذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي قمنا بذكره سابقا فهو: اعتراف نبي الله يونس بوحدانية الله تعالى وأن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، ثم يسبح الله تعالى وفي التسبيح تنزيه لله عن كل نقص أو عيب واقرار منه بأن الله تعالى هو الكامل ليس كمثله شيء، ثم يعترف بظلمه فيقول إني كنت من الظالمين وفي استخدامه لحرف التوكيد” إن” تأكيد منه على ظلمه والذي تمثل في نوعين من الظلم: أما النوع الأول فهو ظلمه لنفسه بأن جعل الله تعالى يغضب عليه وقد خالف أوامره أما النوع الثاني فهو ظلمه لقومه حيث أنه قبيل خروجه بعد أن بين لهم قرب العذاب منهم آمنوا بالله وتابوا وقد بحثوا عنه كثيرا لإعلان توبتهم فلم يجدوه، والمستفاد من هذا الدعاء أن التوبة تحتاج لإقرار من العبد لاقترافه لذنب ما و عزم منه ألا يخالف الله تعالى ولا يعود للمعصية من جديد، مع ضرورة الاقرار بوحدانية الله تعالى وعظمته.

اعراب دعاء ذي النون

ويوجد كثير من العلوم التي تتقاطع في فائدتها وترابطها مع العلوم الدينية مثل اللغة العربية وعلم النحو والبلاغة، التي يعود له المفسرون من أجل الإعراب وفهم معاني الآيات وعلى من تعود الضمائر والألفاظ فيها، وأما عن اعراب دعاء ذي النون فهو:

  • لا: لا النافية للجنس حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
  • إله: لفظ الجلالة اسم لا النافية للجنس مبني على الفتح وخبرها محذوف تقديره معبود بحق.
  • إلا: أداة حصر واستثناء مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب.
  • أنت: ضمير مبني على الفتح والجملة ” لا إله إلا أنت” في محل رفع خبر أن المخففة من الثقيلة.
  • سبحانك: مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة لفعل محذوف تقديره كنت من الظالمين وهو مضاف، والكاف ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
  • إني: حرف نسخ ونصب مبني على والياء ضمير متصل في محل نصب اسم إن.
  • كنت: فعل ماض ناسخ ومبني على السكون والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا.
  • من: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
  • الظالمين: اسم مجرور وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم وجمل” كنت من الظالمين” في محل رفع خبر إن.

العبر المستفادة من قصة ذي النون

لما غضب سيدنا يونس من قومه تركهم بدون انتظار أوامر الله تعالى وقد خرج قومه بحثا عنه لإظهار توبتهم بعد أن بدأت صور العذاب من الله تقع بهم وقد خرج جميهم رجالا ونساء وأطفالا وشيوخ إلى التلال يتذللون لربهم ويظهرون توبتهم وعزمهم على عدم العودة للشرك وأنهم لن يؤمنوا إلا بالله تعالى وحده لا شريك له، وقد أخبر الله يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت بأن قومه قد تابوا ويظهر في قصة سيدنا يونس مع قومه عدد من العبر والمواعظ ومنها ما يلي:

  • وجوب الصبر على الابتلاء والاختبار لأن فيه جلب للفرج وتخلص من الضيق إلى الراحة والسرور.
  • عقاب الله تعالى يقع لمن يخالف أوامره ويقوم بمعصيته.
  • رحمة الله تعالى بعباده وقبوله توبتهم وعودتهم عن المعصية.
  • أن الله تعالى يعلم الخير وفي تقديره وتقسيمه للأمور خير يجهله خلقه.
  • حتى الأنبياء غير معصومين من الوقوع في الخطأ والزلل.
  • عصمة الله لأنبيائهم وعتابه لهم يكون لردهم لطريق الصواب وبيان ما وقوعوا فيه في خطأ وهذا يظهر في قصة سيدنا يونس.
  • أن الله تعالى قادر على كل شيء وهو بيده النفع والضر ولا ينسى أحد من قومه ولولا رحمة الله لبقي سيدنا يوني في بطن الحوت إلى يوم الدين.
  • الله أرسل الرسل لهداية الناس لطريق الحق وليكونوا حجة عليهم يوم الدين.
  • حفظ الله تعالى لعباده وأن العقاب يكون للفئة الكافرة فقط وبعد انذار لمن عصى الله بالعودة والإنابة.
  • التوبة النصوح هي طريق للرجوع للفوز بالنجاة من غضب الله تعالى وعقابه.

تكليف يونس عليه السلام للدعوة مرة أخرى

وبعد أن رحم الله تعالى نبيه وينس وتقبل توبته عن الذنب العظيم ومعصيته ومخالفته لأوامر ربه عاد إلى قومه يدعوهم من جديد إلى دين الحق ويقال أن عددهم كان مئة ألف، ولكن هذه المرة كانت دعوته إلى قومه وهم تائبون وقد صمموا على الثبات على الدين، وحفظ ما أنعمه الله تعالى عليهم من النعم وأهمها الهداية ودفع العذاب عنهم وقد كانوا على مشارف الهلاك، وقد أراد الله تعالى أن يكون من قصة يونس عبرة وعظة للأنبياء بالصبر على الابتلاء وهو بالطبع فيه أجر عظيم لهم، وهو دعوة للأقوام اللاحقة بضرورة التقرب من ربهم وأخذ العبرة والعظة من عاقبة من يقوم برفض طريق التوبة والهداية، والتصميم على الكفر والعناد ولذلك كانت عاقبة كل أقوام الرسل والأنبياء هي العذاب الذي جاء إما على شكل غرق أو خسف أو غيرها.

فضل دعاء ذي النون

ويعتبر الدعاء من أفضل العبادات التي يجب أن يسارع لها عباد الله تعالى في وقت السراء والضراء على حد سواء، ويجب على العبد اخلاص النية لله تعالى عند الدعاء مع ضرورة التوبة النصوح وعدم فعل المعاصي أو أي عمل فيه غضب لله تعالى، ولعل من أكثر الأدعية بركة هي الأدعية التي ذكت في كتاب الله تعالى مثل دعاء سيدنا يونس عليه السلام” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، ومن فضائل هذا الدعاء ما يلي:

  • في دعاء ذي النون توحيد لله تعاليه وتسبيحه وتنزيهه عن كل نقص أو عيب فهو له صفات الكمال والتمام.
  • الاعتراف بالذنب هو سبب في استجابة هذا الدعاء ولذلك يجب اعتراف العبد بذنبه.
  • التوبة قبل الدعاء هي سبب من أسباب قبول الدعاء عند الله تعالى.
  • أن هذا الدعاء كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعو به أحد إلا استجاب الله تعالى له.
  • هذا الدعاء مبارك وذلك لأنه ورد في كتاب الله تعالى وعن النبي صلى الله عليه وسلم.
  • هذه الدعوة بركته تكمن كونها دعاء صادق لنبي الله يونس عليه السلام وقت التوبة والعودة إلى الله.
  • هذا الدعاء عظيم ففيه ذكر لله تعالى واقرار بوحدانية الله وأنه المستحق وحده بالعبادة.

متى يدعو العبد بدعاء ذي النون

ويمكن للعبد الدعاء بدعاء ذي النون” سيدنا يونس عليه السلام في كل وقت وحين ولا يشترط الدعاء فيه عند التوبة أو الوقوع في الكرب والضيق، فقط يجب على العبد استحضار واستشعار قدرة الله تعالى وعظمته ثم يبطن النية والهدف وحاجته من ترديد هذا الدعاء في قلبه وذهنه، وأن يردد الدعاء وهو يتدبر ويستشعر معناه في داخله ويكون على يقين بقدرة الله تعالى على إجابة هذا الدعاء، مع تكرار الدعاء والالحاح على الله تعالى بلا يأس ولا قنوط حتى يستجيب الله تعالى أدعيتك، ويستحب الالتزام بدعاء سيدنا يونس عليه السلام وقت شعورك بالحاجة لقضاء حوائجك وفي وقت ضعفك ووقت وقوعك في الذنب والمعية وغضب الله تعالى عليك، فهو دعاء مبارك كما أشرنا سابقا أنه مبارك ذكر في القرآن والسنة النبوية الشريفة.

تجربتي مع دعاء ذي النون

من التجارب أن إحدى السيدات واظبت على دعاء” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين” وهو كما أسلفنا دعاء ذي النون سيدنا يونس عليه السلام، وقد كانت عائلتها شديدة الفقر وقد تجاوز عمرها  الثلاثين عاما ولم تحصل لا على وظيفة ولم يكرمها الله تعالى بالزواج، وخلال أقل من شهر ظهر فرج الله تعالى على حياته وتغير حالها من الأسوأ للأفضل فقد تزوجت من رجال صالح ومرتاح ماديا بعد أن كانت تعاني من الفقر الشديد ثم توظفت بعد الزواج بأقل من أسبوع، وقد عوضها الله تعالى عن حياة البؤس بحياة أفضل، ولذلك يجب عدم الاستهانة بفضل الدعاء بصورة عامة فهو طريق للخلاص والحصول على المغفرة والعون من الله تعالى وهو سلاح يعين المؤمن ويشعره بالقوة بشكل عام سواء في السراء أو في الضراء، وبفضل دعاء سيدنا يونس بصورة خاصة فهو دعاء للتائبين ممن يخافون الله تعالى ويخشون عقابه.

تجربتي مع دعاء لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

وهناك الكثير من التجارب لعباد الله ممن واظبوا على الدعاء والتقرب من الله تعالى وطلب العفو والمغفرة منه عن الذنوب والخطايا ومنها دعاء سيدنا يونس، ومن هذه التجارب:” يروي أحد الأشخاص أنه كان يعاني من الاكتئاب والحزن الشديد فقد توفي والده وعمره لا يتجاوز العشرين عاما تاركا خلفه عائلة هي أمه و6 أخوات وكان ما زال يدرس في الجامعة ولم يتقن من المهن شيء وقد زادت المسؤولية ولم يتحمل مصاريف الحياة وقد أقدم على الانتحار في يوم، لكن صوت في داخله أعاده لصحوته ثم واظب على دعاء سيدنا يونس، فما مر أسبوعين حتى حصل على وظيفة لا تحتاج لخبرة ولا لشهادة وقد استطاع سد ديون عائلته وتوفير أجار بيته ورزقه الله تعالى رزقا كبيرا من حيث لا يحتسب”، وهذا بالطبع من فضل الله تعالى وإجابته لدعاء عباده ممن وقعوا في حالة من اليأس والضيق ودعوا الله تعالى بقلب مخلص وتائب لله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!