منوعات

سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل

سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل، فقد يحصل الكثير من الخلافات في الحياة اليومية بين الآباء والأمهات وأبنائهم، وقد لا يكون هناك توافق في وجهات النظر بين كل منهم، فيحص بذلك خلافات ونقاشات يومية قد تدور في أي جو أسري، أو في أي عائلة مهما اختلفت ديانتها، أما عن المسلمين، فمن المعروف أن ديننا الإسلامي قد حدد لنا علاقة واضحة وسامية بين كل من الأبناء والآباء، وأكد لنا الله جل جلاله ورسوله على ضرورة بر الوالدين والإحسان إليهما، وضرورة التربية الحسنة من قبل الوالدين لأبنائهم، وسنتطرق للحديث معكم في هذا المقال عن العلاقة بين الابن ووالديه، وماذا يفعل الشخص لو سمع ابنه يدعو إليه.

سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل

حدد لنا الدين الإسلامي العلاقة بين الوالدين مع أبنائهم، وقد جعل بر الوالدين مقرون بعبادة الله عز وجل، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً)، أما عن العلاقة من الجانب الآخر وهي علاقة الأبناء بأبنائهم فمن واجب الوالدين الإحسان لأطفالهم وتربيتهم تربية صالحة، وإعدادهم الإعداد السليم الذي يرتضيه الدين الإسلامي والذي حدده الله عز وجل للمسلمين بشكل عام، وذلك حتى يتمكن الابن من أن ينفع والديه عندما يبلغا الكبر، ويعرف حقوق والديه ويقدم لهم الحسنى، ليروا نتائج تربيتهم بشكل واضح، أما عن دعاء الابن على والديه مهما أخطأوا في حقه فهذا لا يجوز والله أعلم، وهذا ليس من البر أبداً، فعلى المسلم أن يدعو الله لوالديه بالهداية والصلاح والرشد، ولا يجوز أن يدعو عليهم بالضرر، فسيدنا إبراهيم عليه السلام قد كان يدعو لوالديه بالهداية رغم أن أبوه لم يكون مسلم، وقد هدده كثيراً وفي عدة مرات، وكان وقومه يسخرون من دينه، ورغم ذلك فإنه لم يدعو عليه، بل كان يدعو له بالهداية، وأن يغفر الله جل جلاله له ويهديه، فقد قال الله جل جلاله عن ذلك في كتابه العزيز:) قَالَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكَۖ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبِّيٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ بِي حَفياً وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُواْ رَبِّي عَسَىٰٓ أَلَّآ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّٗا)، ومن هذا المنطلق فليدعو المسلم لوالديه بالهداية ولا يدعو عليهم، ومن الجانب الآخر فإنه لا ينبغي على الوالدين أن يتعاملا بعنف تجاه ذلك الأمر، فلا بد من مواجهة تلك المشكلة والبحث عن أسبابها، وما الذي قد يدفع الابن إلى أن يقوم بالدعاء على والديه، كما أنه لابد من مواجهة الابن والتحدث معه وسماعه، فالابن نتاج تربية الوالدين، وتربيتهم تربية صالحة من واجبهم، فهم المسؤول الأول عن ذلك، أما عن أسلوب التعنيف والهجر والقطيعة فإن ذلك يزيد من المشكلة ولا يؤدي إلى حلها بشكل جذري على الإطلاق.

سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل
سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل

ما هي حقوق الأبناء على آبائهم

جاء الدين الإسلامي شامل لكل مناحي الحياة، كما أنه قد تطرق لكل جانب بالحديث، ومن المواضيع التي تحدث عنها ديننا الإسلامي هي علاقة الأباء بأبنائهم والعكس، فهي علاقة عظيمة أكد على وجوب أن تكون علاقة جميلة وعلى الأسس التي ارتضاها الله ورسوله، وذلك لأن الدين الإسلامي قد حدد لنا حقوق الأباء على أبنائهم، وحقوق الأبناء على آبائهم، أما عن حقوق الأبناء على آبائهم فهي من الأمور الهامة بمكان، والتي يغفل عنها كثير من المسلمين وكثير من الناس رغم أهميتها، وإليكم بعض من تلك الحقوق، وهي كما يلي عرضه:

  • يجب على الابن أن يقوم باختيار أم صالحة لأبنائهم، لأن صلاح الأم فيه صلاح كبير للأبناء، وهي من سيتأثرون بها وهي من ستقوم بتربيتهم، وقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)، فلابد من اختيار زوجة صالحة يرتضيها الله ورسوله وتحسن تربية أبنائه تربية صالحة.
  • كما أنه يجب على كل الوالدين أن يختارا أسماء جميلة لأبنائهم، واسم ذات معنى حسن، يناسب الزمن الذي هو فيه، وله معنى يفتخر فيه الابن ولا يشعر بالإحراج مع أصدقائه من ذلك الاسم.
  • إضافة إلى أنه يجب على الوالدين منح ابنهم الحياة وعدم الاقدام على قتل الطفل فقد لأن الوقت غير مناسب للإنجاب أو غير ذلك من الأمور، فهذا يعتبر من قتل النفس التي حرمها الله جل جلاله وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم إِنَّ قَتلَهُم كانَ خِطئًا كَبيرًا(.
  • ويجب على كلا الوالدين أن يقوموا بتربية أبنائهم تربية دينية حسنة بعد حضورهم وإنجابهم، سواء أكانوا ذكور أو بنات، فيجب الاحسان في التربية الإنشاء الصحيح، وقد ذكر لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث ضرورة الإحسان في تربية البنات، بعد أن كان العرب يكرهون البنات ولا يرغبون بإنجابهم، ويقوموا بقتلهم إذا تم الإنجاب، بل كان الواحد منهم إذا بشر بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، وقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في تربية البنات وفضل ذلك: (منِ ابْتُلِيَ مِنَ البَنَاتِ بشيءٍ، فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ).
  • ويجب على الآباء أيضاً أن يقوموا بالعدل بين الأبناء ما استطاعوا إليه سبيلاً، وذلك في كل الأمور صغيرها وكبيرها، فقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك: (اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا في أَوْلَادِكُمْ)، كما أنه يجب على الآباء أن يعدلوا في معاملتهم مع الأبناء ذكور وإناث فيعدلون حتى ولو في القبلة، لأن التفرقة والتمييز بينهم يؤدي إلى الخلاف والكراهية والحقد والفرقة، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ).

ما هي حقوق الآباء على أبنائهم

أمرنا الله عز وجل في كثير من المواضع في القرآن الكريم ببر الوالدين، وقد قرن الله عز وجل بر الوالدين بعبادته، ذلك الأمر الذي يعتبر دليل واضح على بر الوالدين، وهناك كثير من الحقوق التي للوالدين على أبنائهم، والتي يصعب حصرها، إلا أننا سنتطرق للحديث عن بعض منها، وهي كما يأتي:

  • يجب على المسلم أن يطع والديه في كل ما يأمرونه به، وذلك ما لم يكن ذلك الأمر في معصية لله عز وجل، فقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز في ذلك: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، كما قال النبيّ محمد عليه أفضل الصلاةُ والسلام أيضاً: (لا طَاعَةَ في مَعْصِيَةِ اللهِ، إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ).
  • كما أنه يجب على الأبناء أن يتواضعوا لأبائهم، ويخفضوا لهم جناح الذل من الرحمة، ويجب عدم التكبر والتعالي عليهم بأي شكل من الأشكال، فقد قال الله جل جلاله في كتابه الكريم:) وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا).
  • ويجب أيضاً الاستماع إليهم وعدم مقاطعة حديثهم أو التحدث معهم بأسلوب فظ وغير مناسب، وعدم الإساءة إليهم لو بكلمة صغيرة فقد قال الله تعالى: ( ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما).
  • ويجب الانفاق عليهم في حالة الكبر والضعف، واحترامهم ومد يد العون لهم وتقديم كل ما يحتاجونه من أمور معنوية كالحب والحنان، أو أمور مادية أو غير ذلك مما يحتاجون، وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا(.
  • أما بعد موت الوالدين فلا بد من الدعاء لهم وقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:(إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له(، ويجب التصدق عنهم فقد قال صلى الله عليه وسلم أيضاً: أنَّ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهو غَائِبٌ عَنْهَا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شيءٌ إنْ تَصَدَّقْتُ به عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فإنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا(، ويجب أيضاً إكرام صديقهما بعد موتهما وبره وصلته، فقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك عندما سئل:( يا رسولَ اللهِ، هل بَقِيَ مِن بِرِّ أَبَويَّ شيءٌ أَبَرُّهما به بعد موتِهما؟ قال: نعم، الصَّلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عَهدِهما من بعدِهما، وصِلةُ الرَّحِمِ التي لا تُوصَلُ إلَّا بهما، وإكرامُ صديقِهما(.
سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل
سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل

أدلة قرآنية على بر الوالدين والإحسان إليهما

إن الدين الإسلامي قد نظم العلاقة بين جميع أفراد المجتمع، كما وقد نظم ديننا الإسلامي العلاقة بين الابن ووالديه، فقد ذكر لنا الله جل جلاله في كثير من الآيات ضرورة الإحسان إليهما وبرهما في حال حياتهم وبعد موتهم، كما وقد قرن الله عز وجل عبادته وطاعته ببر الوالدين، وفي ذلك تأكيد واضح من الله سبحانه وتعالى على بر الوالدين والإحسان إليهما، وإليكم بعض الأدلة من ديننا الإسلامي عن ضرورة بر الوالدين، وهي كما يأتي عرضه:

  • قال الله سبحانه وتعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(.
  • وقال سبحانه وتعالى أيضاً: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
  • وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
  • ويقول سبحانه وتعالى في موضع آخر: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
  • كما قال تعالى: (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
  • وقد قال الله عز وجل أيضاً: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
  • قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي).
  • قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا).
  • قال الله عز وجل: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).
  • ويقول الله تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ).

قصة لبعض الأنبياء مع آبائهم أو أبنائهم

تحدث الله عز وجل في كتابه العزيز عن عدد من الأنبياء وعلاقتهم مع آبائهم أو مع أبنائهم، فسيدنا إبراهيم عليه السلام، بعد أن هداه الله عز وجل إلى الدين الحنيف واصطفاه نبياً، وذلك بعض أن كان يفكر في ملكوت الله عز وجل ويتفكر في الخلق، باحثاً عن الخالق، ويقول لابد من خالق عظيم وراء ذلك، ويرى النجوم مرة فيقول هذا ربي، ويرى القمر مرة فيقول هذا ربي، ويرى الشمس مرة فيقول هذا ربي هذا أكبر، إلى أن هداه الله عز وجل إلى الدين الحنيف، واصطفاه نبياً لتبليغ رسالته إلى قومه، فذهب إلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله جل جلاله، وذهب إلى أبوه وقد كان من كبار قومه، وكان هو من يصنع لهم الأصنام ليعبدوها، فدعاه إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام وترك ما يفعله، فزجره والده، واستمر سيدنا إبراهيم عليه السلام يدعو أبوه مراراً وتكراراً، ويدعو له بالهداية، إلى أن غضب والده وهدده تهديد واضح، ففي ذلك الوقت لم يدعو سيدنا إبراهيم على والده أبداً بل دعا له بالهداية، وقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه العزيز عن ذلك فقال الله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا، إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا، يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا، يا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا، قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا، قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا، وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا).

سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل
سمعت ابني يدعو علي ماذا افعل

قصة سيدنا نوح عليه السلام مع ابنه

أما عن قصة سيدنا نوح عليه السلام، فقد أرسله الله عز وجل إلى قومه أيضاً، وذلك ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، وقد عانى سيدنا نوح من شتى صنوف المعاناة والعذاب مع قومه، فقد كانوا يسخرون منه ويستهزئون به، وكانوا يرفضون أن يسمعوا دعائه، حيث أنهم كانوا يقومون بوضع أصابعهم في آذانهم ويغطوا وجوههم بثيابهم، حتى لا يسعوا كلام سيدنا نوح عليه السلام وهو يدعوهم، ومع ذلك لم ييأس سيدنا نوح، بل استمر في دعوة قومه، فدعاهم ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية، وحاول بطرق مختلفة، وبأساليب عديدة، من ترغيب وترهيب وغير ذلك من الأمور، وقد استمرت دعوة سيدنا نوح عليه السلام مع قومه، ألف سنة إلا خمسين عاماً، إلا أن أعظم ابتلاء قد كان لسيدنا نوح عليه السلام هو أن ابنه لم يستجب لدعوته، فقد كان سيدنا نوح يحاول مراراً وتكراراً مع ابنه ويدعوه، وهو خائف عليه من عذاب الله عز وجل شأنه شأن أي أب في أي زمان، ولكن ابنه رفض أن يستجيب لدعوة والده، حتى أنه حين أراد الله عز وجل أن يهلك الكافرين من قوم نوح، نادى نوح ابنه، أن يركب معه في السفينة حتى ينجو من عذاب الله عز وجل، فرفض ابنه ذلك قائلاً سآوي إلى جبل يعصمني من أمر الله، ولكن حاشا وكلا، فالله عز وجل لا يعجزه شيء، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!